لكن الذين يحتجون بهذا الحديث، ثم يرتبون على هذا القول بأن عباد الله المخلصين وهم ليسوا بأنبياء وليسوا بأولي العزم من الرسل، لا يكرهون الموت ويُقْبلون على الله بحب، فكيف بنبي من أولي العزم من الرسل يكره الموت؟!!

قلنا: الرد من عدة وجوه:

أولا: ليس في الرواية ما يفيد أن سيدنا موسى يكره الموت، هذه واحدة.

ثانيًا: حديث: ((من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه)) التفسير له الذي يبين التطبيق العملي له هو من سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من سؤال أمنا عائشة، وبيّن أن المراد هي لحظة معينة، التي يُقْبل فيها المرءُ على ربه بحب أو ببغض -والعياذ بالله- وفقًا للمكانة المعَدّة له في الآخرة، التي يطَّلع عليها عند المعاينة.

ثالثًا: نصُّ الحديث يردّ على هذه الشبهة "ذهب ملك الموت" لا أدري لما لم يلتفتوا إلى هذا "ذهب ملك الموت إلى ربه، إنك يا رب أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت" ماذا كانت النتيجة؟ "قال له ربه: اذهب إليه وقل له: ضع يدك على متن ثَوْرٍ" اختر ثورًا، ضع يدك على متنه، على ظهره، وعُدَّ الشعرات التي وقعت يدك عليها. وأنا أسأل: حين يضع أحدنا يده على متن ثور، فكم يكون عدد الشعرات التي تقع تحت يده؟ آلاف الشعرات، هذا تخيير من الله -تبارك وتعالى- لنبيه: إن شئتَ كل هذه السنوات فهي لك. قال موسى -عليه السلام-: ((ثم ماذا؟ قال: الموت. قال: فالآن)). أهذا تصرف رجل يخاف الموت؟!

إذن نصُّ الحديث لو أعملوا عقولَهم في المتن لعلموا أن المتن يتضمن في طياته الرد على أخطر تهمة يتصورونها أنهم وجَّهوها للحديث، وهو أن سيدنا موسى يكره

طور بواسطة نورين ميديا © 2015