وأن تشق العصا البحر؟ إلى آخر ما أجرى الله، أن يدخل أحد إلى النار ويخرج سليمًا؟ بل لم يخرج سليمًا فحسب. النار من خاصيتها الإحراق، في معجزة سيدنا إبراهيم -عليه السلام- لم يسلبها الله تعالى خاصية الإحراق فحسب، بل حولها إلى عكس خاصيتها، فجعلها بردًا وسلامًا على إبراهيم، وانظروا إلى بلاغة القرآن الكريم: {قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا} (الأنبياء: 69) لم يقل: بردًا فقط؛ لأن بعض البرد يؤذي ويضر، ويسبب المرضَ، ويحتاج إلى تعاطي الدواء، إنما كوني يا نار بردًا وسلامًا، فهو برد لا يؤذي، فأفقدها الله خاصيتها، بل حولها إلى عكس خاصيتها، كأنه يجلس في تكييف غير مضر وغير مؤذ، حمل كل علامات الكمال، فهو برد وهو في نفس الوقت سلام لا يؤذي بفضل الله -عز وجل-.
هذه معجزات للأنبياء جميعًا، ونبينا -صلى الله عليه وسلم- ليس بدعًا في هذه المعجزات، ومن المستشرقين الذين تأثر بهم أبناؤنا من أبناء المدرسة الإسلامية، من هو اليهودي ومن هو النصراني، وآمنوا بمعجزات أنبيائهم، أما عند نبينا فأقحموا العقل والعلم فيما ليس من مجاله، وضحكوا علينا بهذه الترهات، وتقبلها البعض منا، كيف ذلك؟ إلى درجة أن أنكرنا ما ورد عندنا في مصادرنا الصحيحة!!
كل هذا البلاء نتج من إدخال العقل فيما ليس من تخصصه، من التأثر بالمستشرقين، مع أن المستشرقين آمنوا بمعجزاتهم، لم نسمع أن مستشرقًا "جولدن زيهر" أو غيره أو غيره من الذين تأثر بهم أبناؤنا "وشاخت" "ويليام وير" هل أنكروا معجزات أنبيائهم؟ لم ينكروا، هذا أمر متفق عليه بين البشر، المعجزات تأييد من الله -تبارك وتعالى- لنبيه -صلى الله عليه وسلم- والمعجزات دليل من الله -عز وجل- على صدق هذا النبي، وهي رسالة من الله -عز وجل- أو كأنها هكذا تحمل الدليل على تأييده وتصديقه، وكأنها رسالة للخلق أن يَتَّبِعوا النبي -صلى الله عليه وسلم- في كل ما يخبر به عن الله -عز وجل-.