إذن الإسراء والمعراج ثبت، والأساس الذي بنوا عليه رفضهم متهافت ومردود عليه، بل نستطيع أن نقول: إذا كان لا بد من إعمال العقل أو العلم فإن الأقرب من المعجزات إلى هذا هي معجزة نبينا -صلى الله عليه وسلم-.
إن أكبر معجزتين تكلموا فيهما وأثاروا الشبهات وحاولوا أن يثيروا الغبار حولهما؛ معجزة شق الصدر التي تكررت، ومعجزة الإسراء والمعراج، وذكرنا مرارًا أن العلم جرى بقليل منهما، شق الصدر العلم الآن يزرع القلب ويزرع الأعضاء كأنواع من العلاج للبشر بفضل الله -عز وجل-.
وأما ركوب الدابة، لو أن أحدًا من الناس أخبر الآن أنه انتقل بين مكة حيث خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- وبين القدس حيث الإسراء، لكان عدة مرات في ليلة واحدة وليست مرة واحدة، لو قال: عدة مرات، يعني: تقريبًا الطائرة تستغرق ساعة أو قليلًا من الساعة، يعني: لو انتقل عدة مرات في ليلة واحدة وأخبرنا بذلك لصدقناه، فإذا كانت معجزة نكذبها أو يتوقف البعض منا فيها، ويزعم أن الأدلة أو هذا العقل لا يقبل أو كذا ... إلى آخره.
هذا مما لا يجوز أبدًا، وكما نقول: نحن نتكلم بالأدلة، العقل يثبت، الواقع يثبت، لا غرابة في هذا أبدًا بالمرة، والأنبياء جرت لهم المعجزات بأغرب وأعجب مما حدث لنبينا -صلى الله عليه وسلم- وآمن بها مَن آمن، ونحن نؤمن بها -بفضل الله عز وجل- ونؤمن بمعجزات الأنبياء جميعًا، وهذا من روعة الإسلام الذي يجعل إيماننا بكل الأنبياء كإيماننا بالنبي -صلى الله عليه وسلم- بل إن الطريق إلى معرفة الأنبياء السابقين بكل ما حدث لهم إنما عرفناه عن طريق النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي أنزل الله عليه القرآن مخبرًا بذلك، والذي جاءت به أحاديث سيد المرسلين -صلى الله عليه وسلم-.
أبو بكر -رضي الله عنه- في ليلة الإسراء والمعراج -كما روت كتب السيرة المتعددة ابن هشام