لو فحصنا ودققنا في كلام أبي جهل ومَن شايعه هو استبعاد على أساس العقل، عقولهم لم تقبل ذلك، نحن نذهب إليها شهرًا في الذهاب وشهرًا في الإياب، نضرب إليها أكباد الإبل، ثم تزعم أنك أتيتها في ليلة يا محمد؟ قضية محمد - صلى الله عليه وسلم- لم يزعم أنه أتاها، وإنما أسند الفعلَ إلى القوة القادرة عليه، وهي قوة الله تعالى لم يقل محمد: سَريت، وإنما قال: أُسري بي، وأسند الله تعالى الفعلَ إلى نفسه في القرآن الكريم: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} (الإسراء: 1) لم يقل: سَرى محمد بنفسه، إذن القرآن يرد عليهم في هذا.
هم رجعوا ألف سنة وأربعمائة إلى الخلف، هم رجعيون، رجعوا إلى اتِّباع أبي جهل، بل نقول بملء الفم ومن غير تردد: إن أبا جهل على كفره أفضل حالًا منهم، بالنسبة لأبناء المدرسة الإسلامية الذين ينكرون ذلك، لماذا؟ لأن أبا جهل متسق مع قضية كفره؛ كيف؟ هو أصلًا لم يؤمن بالنبوة، وبالتالي من البداهيات أن ينكر المعجزات، إذا كان لم يؤمن بالنبوة وبأنه نبي -صلى الله عليه وسلم- فهل سيؤمن بمعجزاته؟ أما أنتم يا من آمنتم بنوبته، جزء من الإيمان بالنبوة أن نؤمن بأن الله يجري المعجزات لأنبيائه، هذا جزء من الإيمان بالنبوة، كل ما يجريه الله -تعالى- على يد هذا النبي، بعد أن آمنت به وصدقته، عليك أن تصدقه، وإلا فما معنى أنك تصدقه ثم تنكر بعض ما يتعلق به!
هل نبينا -صلى الله عليه وسلم- بدع في المعجزات؟ يعني: حدثت له معجزات لم تحدث للأنبياء قبله في غرابتها، في استبعاد العقل لها، إذا كنا سنعمل بالعقل، هل العقل يقبل أن يتكلم طفل في المهد كما أنطق الله سيدنا عيسى -عليه السلام-؟ هل العقل يقبل أن يولد ابن من غير أب؟ هل العقل أو العلم التجريبي يقبل أن تتحول العصا إلى حية؟