بكل سعادة وبكل سمع وطاعة؛ فإنه كلامُ مَنْ أرسله الله وعَصَمَهُ -صلى الله وسلم وبارك عليه-.
إننا استفدنا من هذا الحديث أشياء كثيرة، منها:
أن الذباب ناقل للأمراض فنحترز منها ما أمكن، لقد كنا نعلم، يعني: هذه فائدة نشير إليها، ونحن قلنا: إن الحديث لم يتعارض مع ما قاله العلم في هذا أنه يحمل الجراثيم في أحد جناحيه، نعم هذه فائدة، أنه حينما ينزل في طعام أو شراب فإنه يضع جناحه الحامل للمرض كما في الرواية التي قالت: ((وإنه يتقي بجناحه الذي فيه الداء))، وفي رواية ((إنه يقدم السامة ويؤخر الشفاء)).
قال بعض العلماء: تأملناه فوجدناه يتقي بجناحه الأيسر، فعُلِم أن الأيمن هو الذي فيه الشفاء، فيه دواء يقضي على المرض الناتج عما في جناحه المُمْرض، وإن هذا الحديث يفيدنا هذه الفوائد وأكثر منها. وجاء الطب والبحث فاعترف بهذا وسلَّم به، فمنذ أن عُرفت المعامل وهذا الحديث أمامهم، والبحوث تفيد أن الذباب حامل جيد للجراثيم، وأجهزة الصحة في العالم تحذِّر مِنْ تناوُل الأطعمة التي يقع عليها الذباب، إنه من دلائل نبوته -صلى الله عليه وسلم- أن يخبرنا في زمنه -يعني: زمن لم تكن فيه معامل ولا أبحاث- أن الذباب حامل للأمراض، ولم تعرف البشرية هذا إلا حينما اكتشف ذلك الباحث الألماني "بريفيرد" سنة 1891.
وفي الفترة من 1947 إلى 1950 تمكن الباحثان الإنجليزيان "أينشتاين" و"كوك"، والباحث السويسري "روليوس" من عزل مادة سمَّوها "جفاسيد" استخرجوها من فصيلة الفطريات التي تعيش في الذباب، وتبين لهم أن هذه المادة مضادة حيوية تقتل جراثيم مختلفة من بينها "الدسنتريا" و"التيفود"، كما تَوَصَّل غيرهم إلى هذه النتائج وغيرها ... إلى آخره.
وهذا أيضًا من دلائل نبوته -صلى الله عليه وسلم- أن يخبر قبل أكثر من 1400 عام أن الذباب في أحد جناحيه شفاء، ولم تعرف البشرية ذلك إلا بعد 1370 سنة.