القرآن الكريم: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (الأعراف: 157) محلّ الشاهد: َ {أْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ}.

في الحديث المتفق على صحته من حديث عبادة بن الصامت -رضي الله تعالى عنه-: ((أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: وحوله عصابة من أصحابه: بايعوني على ألا تشركوا بالله شيئًا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادَكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوا في معروف)) انظروا إلى قيد: ((في معروف)) مَن الذي يبايع؟ النبي -صلى الله عليه وسلم- وهل النبي -صلى الله عليه وسلم- يأمر بغير معروف -والعياذ بالله-؟ كلا، إنما هذا القيد لأمراء الأمة فيما بعد، لماذا لم يكتم العلماء هذا القيد؟ ولماذا لم يكتموا: ((لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق))؟ ولماذا لم يكتموا: ((الدين النصيحة لله، ولرسوله، وللأئمة المسلمين ولعامتهم))؟ وعندنا كتب مؤلفة في السياسية الشرعية التي تنظم العلاقة بين الحاكم والمحكوم في ضوء الأدلة الشرعية المأخوذة من القرآن والسنة، ولها حديثها الخاص بها في كتب الفقه، وفي المواد التي تدرس فيها.

لكن أنا ألفت النظر أن هؤلاء انتبهوا إلى حديث يأمر بالطاعة، ويطلب الصبر على الأمراء، وحتى وإن كانوا على أثرة فيهم، وتقديمهم لأنفسهم على الرعية، لم يقل هذا أحد: إن هذا ليس ظلمًا، قالوا: إنه ظلم، لكن طلب الصبر عليه؛ ترتيبًا للأولويات والمسائل؛ حفاظًا على وحدة الأمة، وإغلاقًا لباب الفتنة، لم يكن استسلامًا ولا ضعفًا؛ إنما هو صبر يؤجَرون عليه، وفي نفس الوقت يداومون النصيحة لولاة الأمر -إن شاء الله- لعل الله -عز وجل- يأتي بالخير على أيديهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015