دور المستشرقين في منتهى الخطورة؛ لأنهم هم الذين صنعوا التصور الغربي عن الإسلام، حتى عند السياسيين الذين يقودون الدول الاستعمارية، ولم يكونوا متخصصين في دراسة الإسلام وأهله؛ أخذوا تصوراتهم عن الإسلام من دراسات المستشرقين، المجتمع نفسه، طلاب الجامعات الذين درسوا على يد هؤلاء المستشرقين في الجامعات، وعلى يد الكُتب التي ألفوها، وانتشرت في مجتمعاتهم، أو في البرامج المتلفزة، التي يَظهرون فيها. هذا المتلقي يتلقى عنهم هذا التصوُّر الذي يقدمونه، المبشِّرُون الذين يملئون العالم الإسلامي محاولين ردَّة أهله عن إسلامهم، هؤلاء انطلقوا من هذه التصورات الاستشراقية التي كتبها الأعداء.

فهم أصلًا وضعوا الإسلام في قفص الاتهام، ثم درسوه من هذه الوجهة، وحاولوا أن يبتعدوا بالنصوص عن سياقها ليؤكدوا هذا الأمر.

من منهجهم أيضًا: تحليل الإسلام ودراسته بعقلية أوروبية، فهم يعتمدون في الحكم على الإسلام على مقاييسهم الغربية، وهذا من أسوأ المناهج في الاحتكام إليها، يعني مثلًا: مجتمع يمجِّد عُرْي النساء، ومجتمع يرفضه انطلاقًا من شريعته، بالضرورة حين يتكلَّم المجتمع الذي يُبيح العري سينتقد هذا المجتمع؛ بينما هو مجتمع أخلاقي يبحث عن العفَّة والطهارة، لكنه حكَّم مقاييسه هو، وليست مقاييسي أنا في الحكم على الشيء، وهذا حقيقة في منتهى الخلل في المناهج العلمية، لا يمكن محاكمة عصر على مناهج عصر آخر، أو محاكمة أشخاص على مناهج أشخاص آخرين، هذا الذي نقوله الآن معروف في المناهج العلمية، يعني مثلًا: يتكلمون عن الديمقراطية الآن يقولون: حكم الخلفاء الراشدين غير ديمقراطي؛ لأنه لم يكن عندهم مجلس نيابي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015