كل ذلك، هذا التطور الذي يتكلم عنه ذلك المستشرق ولا يحدث اختلاف ما بين مشرق ومغرب، مع اختلاف البيئة، مع اختلاف الثقافات، مع اختلاف الظروف الاقتصادية والاجتماعية وغيرها، مع اختلاف الألسنة، مع اختلاف الشعوب كل ذلك ينصهرون في بوتقة واحدة، لا يحدث بينها خلاف أبدًا في أمر أصيل من أمور الإسلام؛ إنما الاختلافات التي حدثت هي في تعدد الأفهام في النصوص، هو اختلاف تنوع، وليس اختلاف تضاد، وتظل الأمة بمعالمها الأساسية ثابتة لا تتغيّر، ولا تتبدَّل، ويقال بعد ذلك: إن الأحاديث وضعت نتيجة تطور المسلمين الديني والسياسي، كلما استجدت فيهم أمور سياسية وضعوا لها أحاديث، وكلما استجدت أمور اجتماعية وضعوا لها حديثًا، ما هذا الهراء؟ وأين الدليل عليه من واقع الأمة؟ وأين التباين بين أفراد الأمة، ولا أدري كيف يُخدع بعض الناس بهذا الكلام الذي لا أساس له من الصحة، ولا من الواقع، ويرددونه في كتبهم بكل أسف؟
إذن القول بأن التطور الاجتماعي والسياسي للأمة هو الذي فرض بعضًا أو كثيرًا من الأحاديث التي وضعت، هذا قول مردود جدًّا على صاحبه
قد يحاول البعض أن يستشكل على ذلك بأن السنة تأخر تدوينها، ولذلك الشبهات متكاملة، أو هم يحاولون أن يصنعوا بينها خطًّا متكاملًا يخدم فكرة واحدةً، وهي الطعن في السنة، وإسقاط حجيتها، وعدم العمل بها، وصولًا إلى تعطيل القرآن عن الفهم والتطبيق؛ ليضيع الإسلام كما يتصورون هم، ولن يحدث ذلك أبدًا بإذن الله -تبارك وتعالى- إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
الأحاديث كانت متداولة بين الأمة، وقضية التدوين لها ظروفها، وهناك اجتهادات ورسائل علمية أثبتت أن التدوين بدأ من عصر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبإذن