كلام طيب جدًّا، رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ترك الإسلام قويًّا كبيرًا عظيمًا، لم يتركه طفلًا كما يقول هذا المستشرق. نعم، كما ذكرنا المجتهدون من علماء الأمة واجهوا جزئيات وحوادث نتيجة اتساع الدولة، ودخول بعض الأمم في الإسلام، ونتيجة ما استجد من أمور في حياة الناس هذا أمر وارد، لكنّ دراستها لم يخرج عن دائرة القرآن والسنة، نحن نقول: إن مهمة المجتهدين أن يدخلوا هذه الجزئيات والمستحدثات تحت قواعدها الكلية، لا يأتون بنصوص جديدة، وإذا كان أتوا بنصوص جديدة فما السبب في توقف الإتيان بالنصوص المفتراة، كما يزعم ذلك المستشرق؟ ولا يزال التطور يحدث في حياة الناس، بل إن التطور في عصرنا هذا يُعدُّ تطورًا هائلًا في كل جوانب الحياة، ولماذا لا يوجد الوضع الذي يحاول أن يستدلَّ على هذه الأمور بأدلة شرعية كما يزعم ذلك المستشرق؟ إنما كل جهد المجتهدين -كما قلنا- إدخال تلك الجزئيات تحت قواعدها الشرعية المنظمة لها، فإن أصابوا فلهم أجران، وإن أخطئوا فلهم أجر واحد، وذلك كان من أسباب اختلاف العلماء في بعض المسائل الفقهية؛ وفقًا لاجتهاداتهم في إدخال هذه الجزئيات تحت قواعدها الكلية.
ويشير الدكتور مصطفى إسماعيل إلى مسألة هامة، كيف تتطور حياة الناس والدولة الإسلامة أصبحت متسعة من حدود الصين شرقًا إلى حدود المغرب غربًا، ومن أواسط روسيا شمالًا إلى نيجيريا جنوبًا؟ يعني: تقريبًا المسلمون يحكمون نصف الكرة الأرضية المعروفة في ذاك الزمان السالف، كان المعروف ثلاث قارات: أوربا وأفريقيا وأسيا، والدولة الإسلامية تقريبًا تحكم نصف هذه الكرة، هل من أفغانستان شرقًا إلى المغرب غربًا العادات واحدة، العبادة واحدة، الأخلاق واحدة، المعاملات واحدة، الأسر تقوم على أسس واحدة، وكل ذلك لا يُنكره منكر؟ صيامهم واحد في رمضان، حجهم واحد في ذي الحجة ... إلى آخر