الاقتصادي والديني والسياسي إلى آخره، إنما كانوا يأتون بالنصوص التي قُرِّرت من قبل ذلك ليطبقوها على المستحدثات في حياة الأمة، من الوقائع التي تستجد في حياة الناس، ومهمة أهل العلم في هذا أن يدخلوا هذه الأمور المستحدثة تحت قواعدها الشرعية الكلية المنظمة لها، والتي ثبتت قبل ذلك في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم-.

إذن ليس هناك مجال لإضافة نصوص جديدة، لا من القرآن، ولا من السنة، حاشا وكلا، والكل يعلم ذلك، تمامًا كما في عصرنا هذا حين يبحث العلماء مثلًا عن بعض القضايا المستحدثة في حياة الناس، مثل التبرع بالأعضاء، وأعمال البنوك، وما إلى ذلك؛ فإنهم لا يأتون بنصوص شرعية استحداثًا من عند أنفسهم، إنما كل اجتهادهم هو في إدخال هذه الأمور المستحدثة تحت قواعدها المنظمة لها من خلال الأدلة الواردة شرعًا في القرآن والسنة، هل ينطبق مثلًا على أعمال البنوك مفهوم الربا، أو لا ينطبق؟ هل يجوز التبرع بالأعضاء أو لا يجوز؟ إلى آخر القضايا المستحدثة في حياة الناس، هل نستطيع أن نقول في زماننا هذا مثلًا: إن هناك -ونحن لا نساوي الجيل الأول في الورع والتقوى- منا من يجرؤ على وضع حديث يؤيِّد به أمرًا استحدث في أمور الناس؟

الصحابة قد أدُّووا ما عليهم من حفظ الدين وصيانة الشريعة، وكما قلت: كل الاجتهادات التي حدثت هي في فَهم النصوص واستنباط الأحكام منها، وفي إدخال الجزئيات والأمور التي حدثت جديدًا في حياة الناس تحت قواعدها الكلية المنظمة لها، وهذا عمل المجتهدين في كل زمان ومكان.

إذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تركنا على المحجة البيضاء، تركنا على الطريق الواضحة الجلية ليلها كنهارها، ولا يزيغ عنها إلا هالك، ولذلك أمرنا في خطبة الوداع بأن نستمسك بكتاب الله -تبارك وتعالى- وأمرنا في أحاديث أخرى عند الحاكم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015