دلالتها ليست إلا عن طريق اللزوم والتتبع؛ يعني: يلزم من حفظ القرآن حفظ السنة، والسنة تتبع القرآن، فكما حُفظ القرآن تُحفظ السنة، وهذا الدليل قد يعترض عليه البعض، إلا أن آيات سورة القيامة التي قرأناها نصّ صريح في حفظ الله -تبارك وتعالى- للسنة بطريق الأصالة والاستقلال، وليس عن طريق اللزوم أو الدلالة الالتزامية.
دلالة الآيات على ذلك من وجوه:
أن بيان القرآن الكريم على الله تعالى: {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} الله -عز وجل- تكفل ببيان القرآن كيف؟ أوكل إلى نبيه -صلى الله عليه وسلم- هذه المهمة، كما في سورة النحل: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (النحل: 44) يترتب على ذلك أن الله -تبارك وتعالى- أوحى ببيانِ القرآن الكريم للنبي -صلى الله عليه وسلم- كما أوحى له بالقرآن الكريم ذاته، الله -عز وجل- قال: {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} يعني: نحن الذين سنبين القرآن الكريم ثم في سورة النحل في أكثر من آية أوكل الله مهمة بيان القرآن للنبي -صلى الله عليه وسلم-.
إذن، كما أوحى الله -تبارك وتعالى- بالقرآن للنبي -صلى الله عليه وسلم- أوحى أيضًا ببيان القرآن للنبي -صلى الله عليه وسلم- وهي السنة المطهرة، وكون السنة المطهرة وحيًّا من عند الله -تبارك وتعالى- هذا أمر ثابت بالأدلة، يترتب على أن الله -عز وجل- أوحى بالسنة كما أوحى بالقرآن للنبي -صلى الله عليه وسلم- على أن هناك وحيًّا متلوًّا وهو القرآن الكريم، ووحيًّا غير متلو وهو السنة المطهرة، وما دامت السنة وحيًّا من عند الله -تبارك وتعالى- وهي بيان للقرآن الكريم، فإن الله قد حفظ القرآن الكريم وحفظ بيانه، حفظ القرآن الكريم وحفظ السنة، وإلا كيف نفرق بينهما مع أن كليهما وحي من عند الله -تبارك وتعالى- ومع أن الله هو الذي تكفل ببيان القرآن على لسان نبيه -صلى الله عليه وسلم-!!