كليهما نازل من عند الله -تبارك وتعالى: {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} (النساء: 113).
الآيات السابقة لم يأتِ فيها هذا الأمر، قد يقول قائل من خلال الآيات السابقة: ليس هناك ما يدل على أن الحكمة -حتى وإن سلمنا بأنها هي السنة- ليس هناك ما يدل على أنها نزلت من عند الله -تبارك وتعالى- فتأتي آية النساء قاطعة في هذا الأمر: {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا}، إذن السنة بمقتضى آيات القرآن الكريم وحيٌ من عند الله -تبارك وتعالى، وأيضًا على ذلك جاءت الأحاديث الكثيرة التي تُثبت هذا الأمر عند الإمام أحمد بسندٍ صحيح حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله تعالى عنهما- أنه كان يكتب كل شيء يسمعه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فنهته قريشٌ عن ذلك، وقالت له: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بشرٌ يتكلم في الغضب والرضا، بمعنى: أنه قد يقول أقوالًا بمقتضى بشريته ليست منهجًا، ليست تشريعًا، مَن الذي يحسم المسألة؟ هو رسول الله -صلى الله عليه وسلم، هو الذي يقضي في المسألة، فرُفع الأمر إليه فقال له: ((اكتب، فوالذي نفسي بيده ما خرج مني إلا حق)) النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يقول إلا الحق الذي جاء من عند الله -تبارك وتعالى-: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} (الكهف: 29) أيضًا: ((ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه)) أوتيت: بالبناء للمجهول، أوتي القرآن وأوتي مثله معه، وهذا المثل يُحمل بالضرورة عند كل عاقلٍ رشيد على أنه السنة المطهّرة.
هذه الأدلة كلها دلَّت على أن السنة وحيٌ من عند الله -تبارك وتعالى-، وما دامت وحيًا من عند الله فهي واجبة الاتباع، كما أن القرآن الكريم وحيٌ من عند الله -تبارك وتعالى- فهو واجب الاتباع أيضًا، والفرق أن القرآن الكريم هو كلام