تستثنِ شيئًا، والذي قاله هو القرآن الكريم وهو السنة المطهرة، وأيضًا الآيات التي ذكرت القرآن الكريم والسنة المطهرة، أو والحكمة: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ} (الأحزاب: 34)، {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} (الجمعة: 2)، {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِين} (آل عمران: 164).
كل الآيات التي جمعت بين الكتاب والحكمة العطف بينهما يقتضي المغايرة، بالضرورة الحكمة غير الكتاب؛ لأنه لا يجوز عند النحاة عطف الشيء على نفسه، فإذن الحكمة غير الكتاب، وما هي الحكمة؟ يتحتَّم أن تكون الحكمة هي السنة، وقد قال الشافعي -رحمه الله تعالى- في (الرسالة): "سمعت من أرضى من أهل العلم يقول بأن الحكمة هي السنة"، وكون الحكمة في هذه الآيات سنة أجمع عليها علماء الأمة، واستقروا على هذا الفهم؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أتانا بالقرآن الكريم وأتانا بالسنة المطهرة، ولا بد من حمل الحكمة على السنة؛ لأنه لم يأتنا بغير ذلك، وإذا كانت الحكمة هي السنة، فإن الكتاب والحكمة قد نزلا من عند الله -تبارك وتعالى-، والدليل على ذلك في آية النساء: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} (النساء: 113) يعني: الآيات التي سبقت في سورة البقرة ذُكرت: {وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} (البقرة: 129)، وفي آل عمران ذكرت: {وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} وفي سورة الجمعة، وفي سورة الأحزاب: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ} ثم آية النساء التي تضيف أمرًا آخر وهو أن السنة والحكمة