حكم الله -تبارك وتعالى- وحكم نبيه -صلى الله عليه وسلم. ما موقفه إيمانًا أو إيمانيًّا من الأوقات التي توقّف فيها، وجلس يقارن بين حكم الله -تبارك وتعالى- وحكم النبي -صلى الله عليه وسلم- من ناحية، وبين حكم غيرهما.

{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} أيضًا في سورة الأحزاب، وهي وإن كانت في ترتيبها قبل هذه الآية: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (الأحزاب: 21) في الحقيقة الله -عز وجل- في هذه الآية حصر أسوة المؤمنين في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقصرها عليه، بمقتضى هذه الآية ليس من حقنا أبدًا أن نأتسي بغير النبي -صلى الله عليه وسلم- وهذا القصر أودُّ أن ألفت النظر إليه عن طريق إعراب الآية: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} نقول: اللام للتأكيد، وقد حرف تحقيق، كان فعل ماض، هذا من البدهيات، كان لكم: جار ومجرور متعلق بالأسوة، هذه الأسوة لكم يا مؤمنون، لقد كان لكم: أين اسم كان وخبرها؟ لقد كان لكم في رسول الله: هذا جر في رسول جار ومجرور خبر مقدم، أو متعلق بمحذوف خبر مقدم كما يقول النحاة، ولفظ الجلالة مضاف إلى رسول، في رسول: خبر مقدم أو متعلق بخبر مقدم، ولفظ الجلالة مضاف إليه، وأسوة: هي المبتدأ، أو هي اسم كان، وأسوة نكرة، وأهل النحو يقولون: لا يجوز الابتداء بالنكرة إلا بمسوغات، ومنها أن تُوصف كما هي هنا، حسنة: صفة لأسوة، وترتيب الجملة على النسق النحوي: لقد كان أسوة حسنة في رسول الله لمن كان يرجو الله واليوم الآخر.

وفي الحقيقة فإن علم النحو لا يمنع من أن تأتي الجملة على ترتيبها النحوي المعهود: المبتدأ أولًا والخبر ثانيًا، خصوصًا أن كلمة "أسوة" كما ذكرنا وُصفت، وما دامت قد وُصفت فلا مانع من أن تأتي بها أولًا، وقد جاء ذلك في القرآن الكريم في سورة الممتحنة مثلًا {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ} (الممتحنة: 4)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015