فما تزدهيني ذات دل غريرةٍ ... تزين للكهل الحليم التصابيا
ولكن قصرت العين عن كل منظر ... فما أرسلت لحظا على القلب جانيا
غضوب لدين الله في كل موطن ... يعاف الرضى حتى يرى الدين راضيا
ألا إنني لما عددتك أولا ... ختمت وما استثنيت بعدك ثانيا
وقال:
إلام اتباعي للأماني الكواذب ... وهذا طريق المجد بادي المذاهب
أهم ولي عزمان عزم مشرق ... وآخر يغري همتي بالمغارب
ولا بد لي أن أسأل العيس حاجة ... تشق على أخفافها والغوارب
علي لآمالي اضطراب مؤمل ... ولكن على الأقدار نجح المطالب
فيا نفس لا تستصحبي الهون إنه ... وإن خدعت أسبابه شر صاحب
ويا وطني إن بنت عني فإنني ... سأوطن أكوار العتاق النجائب
إذا كان أصلي من تراب فكلها ... بلادي وكل العالمين أقاربي
وما ضاق عني في البسيطة جانب ... وإن جل إلا اعتضت منه بجانب
إذا كنت ذا هم فكن ذا عزيمة ... فما غائب نال النجاح بغائب
أخو ميمون بن الحسن كامل الصفات، جم الأداوات.
فمن شعره قوله في العزيز بالله:
أما ونزار حلفةً لو حلفتها ... على الماء لم أشربه وهو نمير
لقد خبت من معروفه وحرمته ... وإني إلى معروفه لفقير
وقوله:
كن بديعاً كما خلقت بديعا ... حسن الوجه يا قبيح الفعال
وامتثل من عزيز آل علي ... شيمة كي تكون فرد الكمال
معروف بالسداد، موصوف بحسن القناعة والاقتصاد. وله مع ذلك شعر كثير.
فمن شعره قوله [من قصيدة] يمدح فيها أبا الحسن علي بن محمد بن القطاع لما قلد ديوان الخاصة. أولها:
خيالٌ سرى والليل سودٌ ذوائبه
يقول فيها:
سرى زائراً من غير وعدٍ على نوى ... فشرد عن عيني الكرى فهو سالبه
ولما نأى من مت وجدا لبينه ... أتيت امرءاً يحيا به من يقاربه
أبا الحسن المفضال ذا الكرم الذي ... يجود على العافين سحا مواهبه
إذا أمه العافون واصل جوده ... فأخصب من ضاقت عليه مذاهبه
فتى ما شكا يوماً إليه نوائباً ... حليفٌ لها إلا اضمحلت نوائبه
إذا جاد أحيا جوده كل معدم ... فلا عدم إلا وهو بالجود قاضبه
ويغضي حياءً للسؤال كأنما ... يطالب من جدواك ما أنت طالبه
سأنشر شكري ما حييت فإن أمت ... ستنشر بعدي عليك غرائبه
وقوله يصف حماما على طريق اللغز:
فما شيءٌ به الأمواه تجري ... على أرضٍ بأسفلها لهيب
وإن أبصرت لأعلاه ففيه ... نجومٌ لا يميل بها غروب
ممن جمع إلى طيب الأصل والكرم، حسن الأدب والفهم. فمن شعره قوله على لسان سكين:
أنا أختٌ للمنايا ... طبعها طبعي وفني
غير أن اللحظ أمضى ... في فؤاد الصب مني
صاحب ترسل ومقامات، وملحٍ وروايات. [و] أخذ من كل علم بنصيب وافر.
وله من قصيدة:
ألمت بنا والليل سود ذوائبه ... تطالعنا راياته ومواكبه
وبين سواد الليل أبيض ماجد ... تخر لديه ساجداتٍ كواكبه
على حين نام الليل وانتبه الهوى ... وأونس مغناه وأوحش راكبه
ولما بدا طيف البخيلة سامحت ... بوصل، ولا وصلٌ لمن هو طالبه
عجبت لدانٍ وصله وهو نازحٌ ... كأني على بعد الديار أقاربه
بعيدٌ قريبٌ في الفؤاد محله ... فدار تنائيه ونفس تصاقبه
وبتنا ونار الحب تضرم بيننا ... ودمع الهوى يهمي على الخد ساكبه
أقبله طوراً وطوراً أضمه ... وأعرضت عن دهري فلست أعاتبه
وفارقني عند الصباح برغمه ... وكل عطاء النوم فالصبح سالبه
وله من أخرى:
وأغيد مجدول القوام مهفهفٍ ... دعاني فلم ألبث ولم أتخلف
فلما استمر الحب بيني وبينه ... وفيت له بالعهد فيه ولم يف
ومنها:
أكل خليل هكذا غير مسعف ... وكل حبيب في الهوى غير منصف