يعني: فأنت الذي اخترت أفعال المعاصي، فلو زعمت: أنك لا تختار ولا تحب فعل الضلالة والغي، فأنت بين أمرين:
*إما أن تكون كاذبا، وهو الواقع على كل من يعترض على المعاصي بالقدر ولكنه يريد بهذا الكلام دفع الشنعة عليه، وقصده معروف، فهو يعرف من نفسه: أنه لا يختار ولا يحب أن يترك ما باشره من الكفر والإجرام.
*فلو فرض وقدر على وجه الإمكان أنه صادق في قوله: "إني أختار أن لا أختار فعل الضلالة"، وكان ذلك من صميم قلبه صادقا في ذلك لو كان الأمر كذلك، لكان هذا توبة.
لأن العبد متى كانت له إرادة مصممة على فعل ما يحبه الله، وعلى ترك ما يكرهه الله: أقبل بهذه الإرادة إلى الخيرات، وانصراف عن السوء والسيئات، وكان توبة له من جميع الموبقات.
ولكن من وفق لهذه الحال، كان أبعد الناس عن الاحتجاج بالقدر. والوصول إلى هذه الدرجة العالية، ممكن في حق كل أحد، ولكنه يتوقف على مشيئة الله وإرادته.
ومن لجأ إلى الله وأناب إليه، هداه الله، وشاء منه أن يفعل ما يحبه ويرضاه.
وأشار الشيخ إلى هذا الفرق اللطيف، بقوله:
"على ما يشاء الله من ذي المشيئة"