ثمَّ انْصَرف. فَلَمَّا نزل الصَّفْرَاء قسم بهَا الْغَنَائِم كَمَا أَمر اللَّه عز وَجل. وَضرب بهَا عنق النَّضر بْن الْحَارِث بْن عَلْقَمَة بْن كلدة الْعَبدَرِي، وَهُوَ الَّذِي جَاءَت1 ابْنَته قتيلة إِلَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنشدته:

يَا رَاكِبًا إِن الأثيل مَظَنَّة ... من صبح خَامِسَة وَأَنت موفق2

أبلغ بِهِ مَيتا بِأَن تَحِيَّة ... مَا إِن تزَال بهَا النجائب تخفق3

مني إِلَيْهِ4 وعبرة مسفوحة ... جَادَتْ بواكفها وَأُخْرَى تخنق5

ظلت سيوف بني أَبِيه تنوشه ... لله أَرْحَام هُنَاكَ تشقق6

أمحمد يَا خير ضنء كَرِيمَة ... من قَومهَا والفحل فَحل معرق7

مَا كَانَ ضرك لَو مننت وَرُبمَا ... مَنَّ الْفَتى وَهُوَ المغيظ المحنق

وَالنضْر أقرب من قتلت قرَابَة ... وأحقهم إِن كَانَ عتق يعْتق

فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمَا إِنِّي لَوْ سَمِعْتُ هَذَا قَبْلَ قَتْلِهِ لَمْ أَقْتُلْهُ"، وَهَذَا لَيْسَ مَعْنَاهُ النَّدَم، لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَام لَا يَقُول وَلَا يفعل إِلَّا حَقًا، لَكِن مَعْنَاهُ: لَو شفعت عِنْدِي بِهَذَا القَوْل لقبلت شَفَاعَتهَا. وَفِيه تَنْبِيه على حق الشَّفَاعَة والضراعة. وَلَا سِيمَا الاستعطاف بالشعر، فَإِن مَكَارِم الْأَخْلَاق تَقْتَضِي إجَازَة الشَّاعِر وتبليغه قَصده. وَالله أعلم.

ثمَّ لما نزل عرق8 الظبية ضرب عنق بْن أبي معيط.

قَالَ أَبُو عمر: روى عَن عبَادَة بْن الصَّامِت قَالَ: خرج رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بدر، فَلَقُوا الْعَدو، فَلَمَّا هَزَمَهُمْ الله اتبعتهم طَائِفَة من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015