ابْن أبي طَالب، فَقتل اللَّه عتبَة وَشَيْبَة والوليد وَسَلِمَ حَمْزَة وَعبيدَة وَعلي، إِلَّا أَن عُبَيْدَة ضربه عتبَة فَقطع رجله وَارْتُثَّ1 مِنْهَا فَمَاتَ بالصفراء. وَعَدَّلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصُّفُوف، وَرجع إِلَى الْعَريش وَمَعَهُ أَبُو بكر، وَسَائِر أَصْحَابه بارزون لِلْقِتَالِ، إِلَّا سعد بن2 معَاذ فِي قوم من الْأَنْصَار فَإِنَّهُم كَانُوا وقوفا على بَاب الْعَريش يحْمُونَ الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَكَانَ أول قَتِيل قتل من الْمُسلمين مهجع3 مولى عمر بْن الْخطاب أَصَابَهُ سهم فَقتله. وَسمع عُمَيْر بْن الْحمام رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحث على الْقِتَال ويرغب فِي الْجِهَاد وَيُشَوِّقُ إِلَى الْجنَّة وَفِي يَده تمرات يأكلهن فَقَالَ: بخ بخ أما بيني وَبَين أَن أَدخل الْجنَّة إِلَّا أَن يقتلني هَؤُلَاءِ. ثمَّ رمى بالتمرات وَقَاتل حَتَّى قتل.
ثمَّ منح اللَّه عز وَجل الْمُسلمين النَّصْر وَهزمَ الْمُشْركين. وَانْقطع يَوْمئِذٍ سيف عكاشة بْن مُحصن، فَأعْطَاهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جذلا من حطب، وَقَالَ لَهُ: "دُونك هَذَا"، فَصَارَ فِي يَده سَيْفا لم يكد النَّاس يرَوْنَ مثله أَبيض كالملح. فَلم يزل عِنْده يُقَاتل بِهِ حَتَّى قتل فِي الرِّدَّة، رَضِي اللَّه عَنهُ.
وَكَانَت وقْعَة بدر يَوْم الْجُمُعَة لسبع عشرَة لَيْلَة خلت من رَمَضَان.
ثمَّ أَمر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقتلى الْمُشْركين، فسحبوا إِلَى القليب ورموا فِيهِ وَضم4 عَلَيْهِم التُّرَاب، ثمَّ وقف عَلَيْهِم فناداهم: "هَل وجدْتُم مَا وَعدكُم ربكُم حَقًا؟ فَإِنِّي قد وجدت مَا وَعَدَني رَبِّي حَقًا" فَقيل لَهُ: يَا رَسُول اللَّه تنادي أَقْوَامًا أَمْوَاتًا قد جَيَّفُوا؟ فَقَالَ: "مَا أَنْتُم بأسمع مِنْهُم وَلَكِن لَا يجيبون". وَمن هَذَا الْمَعْنى قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَيِّت إِذا دفن وَانْصَرف النَّاس عَنهُ: "إِنَّه ليسمع خَفق نعَالهمْ إِذا ولوا عَنهُ مُدبرين".
وَجعل رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الْأَنْفَال5 عَبْد اللَّهِ بْن كَعْب بْن عَمْرو الْأنْصَارِيّ. ثمَّ