الْمُسلمين يَقْتُلُونَهُمْ، وَأَحْدَقَتْ طَائِفَة برَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واستلوت طَائِفَة على الْعَسْكَر والنهب. فَلَمَّا نفى اللَّه الْعَدو وَرجع الَّذين طلبوهم قَالُوا لنا النَّفْل، نَحن طلبنا الْعَدو، وبنا نفاهم اللَّه وَهَزَمَهُمْ. وَقَالَ الَّذين أَحدقُوا برَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا أَنْتُم أَحَق بِهِ منا، بل هُوَ لنا، نَحن أَحدقنَا برَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِئَلَّا ينَال الْعَدو مِنْهُ غرَّة. وَقَالَ الَّذين استلووا [على] الْعَسْكَر والنهب: مَا أَنْتُم أَحَق بِهِ منا، هُوَ لنا، نَحن حويناه واستلوينا عَلَيْهِ. فَأنْزل اللَّه عز وَجل: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤمنين} . فَقَسمهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن فوَاق بَينهم.
قَالَ أَبُو عمر: قَالَ أهل الْعلم بِلِسَان الْعَرَب: استلووا: أطافوا وأطاحوا، يُقَال: الْمَوْت مستلو على الْعباد. وَقَوله: فَقَسمهُ عَن فوَاق يَعْنِي عَن سرعَة. قَالُوا: والفواق: مَا بَين حلبتي النَّاقة، يُقَال: انتظره فوَاق نَاقَة أَيْ هَذَا الْمِقْدَار. ويقولونها بِالْفَتْح وَالضَّم: فَوَاق، فُوَاق.
وَكَانَ هَذَا قبل أَن ينزل: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأن لله خمسه ... } الْآيَة.
وَكَانَ الْمَعْنى1 عِنْد الْعلمَاء: أَي إِلَى اللَّه وَإِلَى الرَّسُول الحكم فِيهَا وَالْعَمَل بهَا بِمَا يقرب من اللَّه.
وَذكر مُحَمَّد بْن إِسْحَاق، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى أَبِي الأَشْدَقِ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ عَنِ الأَنْفَالِ2، فَقَالَ: فِينَا مَعْشَرَ أَصْحَابِ بَدْرٍ نَزَلَتْ حِينَ اخْتَلَفْنَا فِي النَّفَلِ وَسَاءَتْ فِيهِ أَخْلاقُنَا، فَنَزَعَهُ اللَّهُ مِنْ أَيْدِينَا وَجَعَلَهُ إِلَى الرَّسُولِ. فَقَسمهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَوَاءٍ، يَقُولُ عَلَى السَّوَاءِ. فَكَانَ [فِي] ذَلِكَ تَقْوَى اللَّهِ وَطَاعَةُ رَسُولِهِ وَإِصْلاحُ ذَات الْبَين.