لطيفاً رَقِيقا وَتمكن إِلَى أَن صَار هُوَ الْعبارَة عَن الدولة بِحَيْثُ كَانَ إِذا ركب يركب بَين يَدَيْهِ مِائَتَا عِصَابَة قبب وَعمر لَهُ النَّاصِر الاصطبل على بركَة الْفِيل فِي مُدَّة عشرَة أشهر فَيُقَال أَن أجر الْعمَّال بهَا بلغ تِسْعمائَة ألف وَكَانَ فِي إصطبله مائَة سائس وَكَانَ للْملك بِهِ جمال وَكَانَ قصره بسرياقوس قبالة قصر النَّاصِر بِحَيْثُ أَنَّهُمَا كَانَا يتحادثان من دَاخل وَهُوَ صَاحب الخانقاه الَّتِي بالقرافة وَلم تكن لَهُ مَعَ هَذِه العظمة حماية للبلاد وَلَا لِغِلْمَانِهِ ذكر ويغلق بَاب إصطبله من الْمغرب وَكَانَ يتلطف بِالنَّاسِ وَيَقْضِي حوائجهم وَكَانَ يحجز على النَّاصِر فِي كثير من الْمَظَالِم وَبلغ من مَنْزِلَته أَن النَّاصِر كَانَ إِذا أعْطى أحدا وَظِيفَة وَغَيرهَا وباس الأَرْض يَقُول لَهُ رح إِلَى الْأَمِير وبس يَده وَكَانَ جيد الطباع حسن الْأَخْلَاق لين الْجَانِب كثير الْأَمْوَال جدا وَحج مَعَ السُّلْطَان فِي تجمل هائل وَكَانَ ثقله قَرِيبا من ثقل السُّلْطَان وَهُوَ يزِيد بالزركش وآلات الذَّهَب وتنكر النَّاصِر لَهُ فِي الطَّرِيق وَمرض ابْنه أَحْمد فِي الْعود ثمَّ مرض أَبوهُ بعده فَلَمَّا مَاتَ أَحْمد عمل لَهُ النَّاصِر تابوتا وغشاه بجلد جمل وَحمله مَعَه ثمَّ مَاتَ بكتمر بعد ثَلَاثَة أَيَّام فَدَفْنُهُمَا بِنَخْل ثمَّ نقلا إِلَى القرافة وَكَانَ النَّاصِر قبل مَوته لَا ينَام إِلَّا فِي برج خشب وقوصون على الْبَاب والأمراء الْمَشَايِخ كلهم حول البرج بسيوفهم فَلَمَّا مَاتَ بكتمر ترك النَّاصِر ذَلِك ففهموا أَنه كَانَ يحذر مِنْهُ وَيُقَال أَنه عَاده وَهُوَ ضَعِيف فَقَالَ لَهُ بيني وَبَيْنك الله وَلما مَاتَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015