الثانوية; فليت شعري متى يستطيع أن يقرأ القرآن، من هذه حاله؟! وهذا من أعظم الأسباب للابتعاد عنه، وعدم تأمله ومحبته، لأن من جهل شيئا أنكره.
وإذا كان هذا القرآن - وهو إنما يدرس عندهم نظرا مع ضبطه بالشكل - فكيف ببقية علوم الدين؟! وما ذاك إلا بسبب هذه الفنون المعوقة، كالرسوم، والأشغال، والرياضة البدنية، والألعاب الأخرى، مع وجود عوامل أخرى، كضعف المواد التي تمت إلى الدين والأخلاق بصلة، وعدم وجود المدرسين الأكفاء؛ بل الأغلبية من أولئك المشار إليهم سابقا، مما كان سببا في استياء أخلاق الشباب، وفساد طرايقهم وتغير فطرهم، كما هو مشاهد، يدخل أحدهم المدرسة سليم الفطرة، محبا للخير، آلفا للطاعة؛ ثم يخرج منها قد زال كل ذلك منه، لتغير فطرته وانحراف عقيدته، مبتعدا عن الله، وعن أهل الخير من خلقه، حتى من أبيه الأدنى المربي له، القائم بشؤونه ومهماته؛ وما هذا إلا لعدم تمكن أوامر الإسلام ونواهيه من قلبه. ومما لا شك فيه أن للمدرس أثرا كبيرا في هذه الناحية؛ فإن الأستاذ بالنسبة إلى الطالب كالقلب بالنسبة إلى سائر الأعضاء في البدن; فإن الأعضاء تقول له: اتق الله فإنما نحن بك، فإن استقمت استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا.