ولما عظمت فتنة الدنيا في صدور كثير من الناس، وصارت أكبر همهم، ومبلغ علمهم، حملهم ذلك على التماسها ولو بوجه يسخط الله؛ فسافروا إلى أعداء الله في بلادهم، وخالطوهم في أوطانهم، ولبس الشيطان عليهم أمر دينهم، فنسوا عهد الله الذي أخذه عليهم في مثل قوله: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [سورة الحشر آية: 7] ، إلى آخر ما قال رحمه الله.
ومن كلام لبعض المحققين قالوا رحمهم الله:
يحرم السفر إلى بلاد المشركين للتجارة، إلا أن يكون المسلم قويا، له منعة، يقدر على إظهار دينه، وتكفيرهم، وعيب دينهم، والطعن عليهم، والبراءة منهم، والتحفظ من مودتهم والركون إليهم; وليس فعل الصلاة فقط إظهارا للدين.
وقول القائل: إنا نعتزلهم في الصلاة، ولا نأكل ذبيحتهم، لا يكفي في إظهار الدين، بل لا بد مما ذكر.
قلت هو كما تقدم: أن يتبرأ من المشركين والكفار، وأن يصرح لهم بأنهم كفار، وأنه عدو لهم، ويعلمون ذلك منه، فإن لم يحصل ذلك، لم يكن مظهرا للدين.
وقول بعضهم: إنهم لا ينكرون علينا، قول فاسد؛ فالكلام على من يظن به الخير ممن يخالطهم، يخاف عليه إن سلم من الردة لا يسلم من الكبيرة الموبقة.
وأما من يظن به مودة الكافرين وموالاتهم، أو يرى