أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " أنا زعيم والزعيم الحميل لمن آمن بي وأسلم وهاجر ببيت في وسط الجنة، وبيت في أعلى غرف الجنة " 1 الحديثين; فتبين أن المقصود: إثبات الإيمان لمن لم يهاجر ولم يجاهد بعد ما أسلم، وأن من جاهد وهاجر فقد كمل إيمانه؛ فأي دليل فيه على جواز الإقامة بين ظهراني المشركين؟!

وإذا كان المرتد بعد هجرته أعرابيا ملعونا من أجل خوف الجفا ونسيان العلم، ولمصالح الإسلام، كما رواه الطبراني من حديث جابر بن سمرة، مرفوعا: "لعن الله من بدا بعد هجرته إلا في الفتنة"، وما رواه النسائي عن عبد الله بن مسعود مرفوعا: " لعن الله آكل الربا وموكله " 2 الحديث، وفيه "والمرتد بعد هجرته أعرابيا"، قال ابن الأثير في النهاية: كان من رجع بعد هجرته إلى موضعه من غير عذر يعدونه كالمرتد، انتهى من الفتح.

ومثله: ما رواه البخاري عن سلمة بن الأكوع، أنه لما دخل على الحجاج، قال: يا ابن الأكوع ارتددت على عقبيك، تعربت؟ قال: لا، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن لي في البدو؛ فإذا كان كذلك فهو يدل بالفحوى على البعد عن المشركين لمن أسلم، أما من كان مسلما ثم لحق بهم، واختارهم من غير مصلحة في الدين، فيطالب هذا بدليله، ولو من كلام إمام يعتد به، وإلا فقد قدمنا لك أن الاستدلال بمثل هذه المحتملات خروج عن المقصود.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015