على المؤمنين " 1 الحديث، إلا في حق الأعرابي الذي أذن له النبي صلى الله عليه وسلم في ترك الهجرة، في قوله: " اعمل من وراء البحار " 2 يعني: القرى " فإن الله لن يترك من عملك شيئا " 3 أي: لا يحرم أجر الهجرة ولا تنقص، لما علم النبي صلى الله عليه وسلم من قلة صبره على سكنى المدينة، {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً} [سورة الأحزاب آية: 43] .
وكذلك أذن لأسلم - القبيلة المعروفة - فيما رواه الإمام أحمد وغيره: عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ابدوا يا أسلم " 4، قالوا يا رسول الله: إنا نخاف أن يقدح في هجرتنا، قال: " أنتم مهاجرون حيث كنتم" 5، ومعناه: أن تكونوا في البادية وهم في إذنه صلى الله عليه وسلم لا من سواهم، لأن من أذن له النبي صلى الله عليه وسلم بذلك له حكم المهاجرين، لأن مفهوم الإذن لهم، عدم الإذن لغيرهم.
وأما الأعراب، فالأمر في حقهم أخف، وليس لهم فضل المهاجرين لضعف إسلامهم، وسرعة ميلهم مع الباطل، يدل عليه ما رواه النسائي: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن الحكم، قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن الحارث عن أبي كثير عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" الهجرة هجرتان: هجرة الحاضر، وهجرة البادية; فأما البادي فيجيب إذا دعي، ويطيع إذا أمر; وأما الحاضر فهو من أعظمها بلية وأعظمها أجرا" 6.
وأما ما رواه النسائي أيضا بسنده، عن فضالة بن عبيد: