النصوص الصريحة الصحيحة، كحديث حكيم بن حزام مرفوعا: " لا يقبل الله من مسلم عملا بعد ما أسلم، أو يفارق المشركين " 1 رواه النسائي، وحديث أبي مالك الأشجعي مرفوعا: " وأنا آمركم بخمس الله أمرني بهن " 2، وذكر الهجرة رواه أحمد وغيره، وما في معناها، فليس بمنصف.
الخامس - وهو من أظهرها -: أن الاحتجاج بمثل هذه الأحاديث المطلقة، ولو بلغت حد التواتر، يستدعي بطلان حكم النصوص المصرحة بفراق المشركين، كما هنا، وكما في حديث نهيك الآتي. 3": وعلى زيال المشركين"، فيحمل المطلق مما احتج به المجيز، ولو صح وتعدد على هذا المقيد من مفهوم الوصف المانع من الإقامة؛ فبزوال هذا المانع الذي تسبب عنه الحكم بفراق الوطن يوجد المقتضي، وإلا فلا، وهذا ظاهر بحمد الله، يتعين المصير إليه توفيقا بين النصوص، إذ لا مجال للرأي في مثل هذا، مع وجود الأخبار الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ومما يدل على أن من أسلم ولم يهاجر، يكون كأعراب المسلمين - وتسمى منازله داره - حديث بريدة رضي الله عنه مرفوعا: " ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، وأعلمهم أنهم إن فعلوا ذلك أن لهم ما للمهاجرين، وعليهم ما على المهاجرين " 4، وفي بعض ألفاظه: "فإن أبوا واختاروا دارهم، فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين، يجري عليهم حكم الله الذي يجري