خطأ المجيز في تمريضه أدلة المانع، لأن كل مخالف للشرع معه من الشبهات، ومحتملات الدليل التي ساء فيها فهمه ولم يوفق للتوفيق بينها وبين مقابلها، أضعاف أضعاف ما مع هؤلاء؛ فيلزم منا نتوقى رد أباطيله نظرا إلى ملفق دليله؛ كلا، بل نعلم سوء فهمه قبل النظر في وهمه لما تمسكنا به من هذا الأصل الأصيل، وهو: أن السنة يصدق بعضها بعضا، والبدعة ينقض بعضها بعضا.
وأما قوله: فيها ما فيها، يعني حجة المانع، فمن أين علم أن فيها ما فيها؟ وهو ما رواها ولا اطلع ولا دراها؛ هذا والله سطوة على النصوص، وكأنه قصد حديث قيس بن أبي حازم، وحديث سمرة، وتقدم لك ما يعضدهما من الأحاديث المشتهرة.
ولو لم يكن إلا حديث جرير المتقدم، وقد تأخر إسلام جرير من مبايعة النبي صلى الله عليه وسلم على أن يعبد الله ويقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويفارق المشركين، لكان كافيا؛ وقد روى البخاري في صحيحه أنه يعمل بالآخر فالآخر من أمره صلى الله عليه وسلم، قال في "مرقاة الوصول إلى علم الأصول": والحديث إذا تلقته الأمة بالقبول، وكان راويه عدلا وله شاهد، فهو كالمتواتر في أنه يحتج به، انتهى.
وحكى النووي في شرح المهذب: أن الشافعي يحتج بالمرسل إذا اعتضد بشاهد واحد؛ وهو من أعظم الأئمة توقفا فيه،