وعن المالكيين والكوفيين يقبل مطلقا؛ وقد اعتضد هذا بأكثر من عشرين شاهدا، مع الآيات المحكمات والكليات من الشرع، كما قدمنا لك: منها وجوب عداوة المشركين، والعداوة تقتضي البعد والمفارقة، ومنها القاعدة الكلية والأصل العظيم، وهو سد الذرائع المفضية إلى أشد المفاسد، إذ الوسائل لها حكم الغايات؛ وقد تقدمت الإشارة إلى هذا كله.

ومنها: أن ما كان في أمر الوعد والوعيد، فالصحابة والتابعون لا يطلقونه مرفوعا، إلا مع الجزم بصحته، فإن قيس بن أبي حازم مخضرم، ويقال له رواية، روى عن العشرة المبشرة، فعلى هذا: إما أن يكون من كبار التابعين، وهو المعتبر عند الشافعي، وغيره، وإما أن يكون صحابيا روايته مرسلة، مرسل صحابي له حكم المرفوع، لأن الصحابة كلهم عدول؛ وقد رجح جمع من المحدثين وصله عن جرير، وأصله في صحيح مسلم، هذا لو لم يكن إلا هو في هذا الباب.

فقول المجيز: إن المانعين استدلوا بأحاديث فيها ما فيها، مجرد هذيان لا طائل تحته، ولو لم يكن مع المانعين إلا مجرد المنع المترجح بتحقق المفسدة لكفى، لما في آداب البحث: أنه يقدم دليل الحظر على دليل الإباحة عند التعارض، إلا في أشياء ذكروها، الأصل فيها البراءة، كالعقود، أو حسية كالأطعمة.

وأما قوله: البلاد بلاد إسلام، لأن شعائر الإسلام ظاهرة فيها، من غير ذمة من المشركين ولا جوار; ولهذا إذا كانت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015