فإن شرك هؤلاء أغلظ من شرك أولئك المشركين، من وجوه لا تخفى على ذوي البصائر; فإذا كان يعتقد أن هذا الذي يفعل عند القبور والمشاهد ليس بشرك، فقد وافق على هذا الاعتقاد، من كان يعبد اللات والعزى، ومناة وهبل، سواء من قريش وغيرهم، فإنهم نصبوا العداوة للنبي صلى الله عليه وسلم لما نهاهم عن عبادة هذه الأوثان.

فهذا أصل عظيم يتبين به المسلم من الكافر، والمخلص من المشرك، ولا عبرة بمن زين الشرك ورضيه، وهم الأكثرون عددا في السالفين والخالفين، كما قال تعالى: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [سورة الأنعام آية: 116] إلى قوله: {وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ} [سورة الأنعام آية: 116] .

وأما قوله: ظاهر هذا الكلام أن النجاشي ملك الحبشة كافر، حيث لم يصرح بعداوة قومه من النصارى.

فالجواب من وجوه:

الوجه الأول: أنه لا اعتراض على حكم القرآن بتحريم موادة المشركين.

الوجه الثاني: أن المهاجرين إلى الحبشة هاجروا ليأمنوا على دينهم، حيث لم يجدوا عن ذلك بدا، إذ لم يجدوا بلدا ولا قبيلة يأمنوا فيها غير الحبشة، وهذا في أول الدعوة قبل أن تفرض الفرائض، وتنْزل الآيات في الأحكام، وبيان الحلال من الحرام، وأعظم الفرائض بعد التوحيد الصلاة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015