قال في الاعتراض: ظاهر هذا الكلام أن النجاشي ملك الحبشة كافر، حيث لم يصرح بعداوة قومه من النصارى; وأيضا: جعفر وأصحابه كفار، حيث لم يصرحوا بعداوة الحبشة، وكذلك مؤمن آل فرعون; فيا لله العجب! ما أعمى عين الهوى عن الهدى! انتهى.
فالجواب: أما اعتراضه على شيخنا في استدلاله بالآية على تحريم موادة المشركين، فخطأ بين، فشيخنا رحمه الله تعالى، إنما قال بحكم القرآن: إن من فعل الشرك الأكبر تحرم موادته؛ وكذلك أرباب المعاصي، إذا أصروا عليها تحرم موادتهم، كما هو الواقع في كثير من الأمصار. فهذا هو الحق الذي دلت عليه الآيات، لا ينازع في هذا من عرف الواقع في الأمة، بعد القرون الثلاثة المفضلة، من الشرك الأكبر.
فإذا كان عبادة الأموات، بسؤالهم قضاء الحاجات، وتفريج الكربات، وقع ممن كان يعبدهم، كما يفعل عند عبد القادر بالعراق، وكما يفعل بالشام ومصر، ومن نحا نحوهم من الأعاجم وغيرهم، فإن هذا هو الشرك الأكبر، الذي الأدلة عليه، وعلى تحريمه أكثر من أن تحصر؛ فإنه هو الذي دلت عليه الآية من تحريم موادة المشركين، وصح الاستدلال بها، كما عليه عمل الصحابة فيمن عبد اللات، والعزى، ومناة، والأصنام وغيرها، من قريش وغيرهم سواء بسواء.