وقائل هذا، أحسن أحواله: أن يكون مجتهدا في هذه المسألة، أو مقلدا، فيعفو الله عنه؛ أما أن هذا الذي قاله يقتضي استحباب ذلك، فلا; بل يقال: هذه زلة، فلا يجوز تقليده فيها، إذا عرف أنها زلة; لأنه اتباع للخطأ على عمد; ومن لم يعرف أنها زلة، فهو أعذر من العارف، وكلاهما مفرط فيما أمر به.

وقال الشعبي: قال عمر رضي الله عنه: "يفسد الزمان ثلاثة: أئمة مضلون; وجدال المنافق بالقرآن والقرآن حق، وزلة العالم". وقال معاذ رضي الله عنه: "احذروا زيغة الحكيم؛ فإن الشيطان قد يقول الضلالة على لسان الحكيم، وقد يقول المنافق كلمة الحق"، وقال: "اجتنبوا من كلام الحكيم المشتبهات التي يقال: ما هذه؟ ولا يثنيك ذلك عنه، فإنه لعله يراجع; وتلقّ الحق إذا سمعته، فإن على الحق نورا".

واعلم رحمك الله: أن الرجل الجليل، الذي له في الإسلام قدم صالح، وآثار حسنة، وهو من الإسلام وأهله بمكان، قد تكون منه الهفوة والزلة، وهو فيها معذور، بل مأجور لاجتهاده; فلا يجوز أن يتبع فيها، ولا يجوز أن يهدر مكانه وإمامته، ومنْزلته من قلوب المسلمين.

قال مجاهد، والحكم، ومالك، وغيرهم: ليس أحد من خلق الله إلا يؤخذ من قوله ويترك، إلا النبي صلى الله عليه وسلم. وقال سليمان التيمي: إن أخذت برخصة كل عالم، اجتمع فيك الشر كله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015