الشافعي، وأظنه منصوصا عنه.
وقال أبو حنيفة: يستقبل القبلة ويسلم عليه، هكذا في كتب أصحابه. وقال مالك: لا أرى أن يقف عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو; ولكن يسلم ويمضي. ومن رخص منهم في الدعاء عند قبره صلى الله عليه وسلم فإنه إنما يرخص فيما إذا سلم عليه ثم أراد الدعاء، أن يدعو مستقبل القبلة، إما مستدبر القبر، وإما منحرفا عنه; وهو أن يستقبل القبلة ويدعو، ولا يدعو مستقبل القبر.
وهكذا المنقول عن سائر الأئمة; ليس فيهم من استحب للمرء أن يستقبل القبر - أعني قبر النبي صلى الله عليه وسلم - ويدعو عنده؛ فإذا كان هذا حالهم وفعلهم، عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فكيف بغيره؟
ولم يكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا في عصر الصحابة والتابعين، مشهد يقصد بالزيارة، لا في الحجاز، ولا في الشام، ولا اليمن، ولا العراق، ولا خراسان، ولا مصر، بعد ما فتح الله هذه البلاد، وصارت بلاد إسلام.
وإنما حدث فيها بعد انقراض عصر السلف، فصار يوجد في كلام بعض الناس: فلان ترجى الإجابة عند قبره، وفلان يدعى عند قبره. وبعضهم يقول: قبر فلان الترياق المجرب، ونحو ذلك مما لم يكن معروفا في عهد الصحابة والتابعين.