[السفر لزيارة قبور الأنبياء والصالحين]

قالوا: ولأن السفر لزيارة قبور الأنبياء والصالحين بدعة، لم يفعلها أحد من الصحابة والتابعين، ولا أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا استحسنها أحد من أئمة المسلمين; فمن اعتقد ذلك عبادة، وفعلها، فهو مخالف للسنة.

وإنما اختلف العلماء أتباع الأئمة في الجواز، بعد اتفاقهم أنه ليس مشروعا، ولا مستحبا؛ فالمتقدمون منهم قالوا: لا يجوز السفر إليها، ولا تقصر الصلاة في هذا السفر، لأنه معصية; وهذا قول: أبي عبد الله بن بطة، وأبي الوفاء بن عقيل، وطوائف كثيرة.

وذهب طائفة من المتأخرين: أصحاب أحمد، والشافعي، إلى جواز السفر إليها، كأبي حامد الغزالي، وابن عبدوس، وأبي محمد المقدسي; وأجابوا عن حديث "لا تشد الرحال" بأنه لنفي الاستحباب والفضيلة; ورد عليهم الجمهور من وجهين:

أحدهما: أن هذا تسليم منهم، أن هذا السفر ليس بعمل صالح، ولا قربة ولا طاعة؛ ومن اعتقد أن السفر لزيارة القبور قربة وطاعة، فقد خالف الإجماع، وإذا سافر لاعتقاده أنه طاعة، فإن ذلك محرم بإجماع المسلمين؛ فصار التحريم من جهة اتخاذه قربة; ومعلوم: أن أحدا لا يسافر إليها إلا لذلك، وأما إذا قصد بشد الرحل غرضا من الأغراض المباحة، فهذا جائز.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015