الثالث: إحسان الزائر إلى نفسه، باتباع السنة، والوقوف عندما شرعه النبي صلى الله عليه وسلم؛ فيحسن إلى نفسه، وإلى المزور.

وأما الزيارة البدعية الشركية: فأصلها مأخوذ من عبادة الأصنام; وهو: أن يقصد قبر صالح في الصلاة عنده، أو الدعاء عنده، أو الدعاء به، أو طلب الحوائج منه، والاستغاثة به، ونحو ذلك من البدعة التي لم يشرعها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا فعلها أحد من الصحابة ولا التابعين لهم بإحسان، كما تقدم بيانه مبسوطا.

ثم اعلم: أن الزيارة الشرعية هي التي لا تشد لها الرحال؛ فإن كانت بشد رحل، فهي زيارة بدعية، لم يأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا فعلها الصحابة; بل قد نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ثبت عنه في الصحيحين، أنه قال: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجدي هذا " 1. وهذا الحديث: اتفق الأئمة على صحته، والعمل به.

فلو نذر رجل أن يصلي في المسجد، أو يعتكف فيه، أو يسافر إليه، لم يجب عليه ذلك باتفاق الأئمة؛ حتى نص بعض العلماء على أنه لا يسافر إلى مسجد قباء لأنه ليس من الثلاثة، مع أن مسجد قباء تستحب زيارته لمن كان بالمدينة; لأن ذلك ليس بشد رحل، كما في الصحيح: " من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء، لا يريد إلا الصلاة فيه، كان كعمرة ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015