الجوزية، وسلفهم من أهل السنة والجماعة.
وهذا الرجل إنما أُتي من جهة فساد الاعتقاد، فلا يرى الشرك الجلي ذنبا كبيرا يكفر فاعله، فوجه إنكاره وطعنه على من أنكر الشرك وفارق أهله، وكفرهم بالكتاب والسنة والإجماع; ولا يخفى أن من أشد الناس إنكارا للشرك: شيخ الإسلام ابن تيمية، وأمثاله من علماء السنة، لما حدث في زمانهم، وعمت به البلوى، فأنكروه، وبينوا أن هذا هو الشرك الجلي، الذي عليه المشركون الأولون، كما سيأتي في كلامه رحمه الله. فصار من هؤلاء المشركين، من يكفر أهل التوحيد، بمحض الإخلاص والتجريد، وإنكارهم على أهل الشرك والتنديد; فلهذا قالوا: أنتم خوارج، أنتم مبتدعة، كما أشار العلامة ابن القيم، إلى مثل هذه الحال، بقوله:
من لي بشبه خوارج قد كفروا ... بالذنب تأويلا بلا إحسان
ولهم نصوص قصروا في فهمها ... فأُتوا من التقصير في العرفان
وخصومنا قد كفرونا بالذي ... هو غاية التوحيد والإيمان
وهذا الرجل: قد أخذ بطريقة من يكفر بتجريد التوحيد، فإذا قلنا: لا يُعبد إلا الله، ولا يدعى إلا هو، ولا يرجى سواه، ولا يتوكل إلا عليه، ونحو ذلك من أنواع العبادة، التي لا تصلح إلا لله، وأن من توجه بها لغير الله