وهذا من جهله بالشافع والمشفوع عنده، فإن الله تعالى لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه، والله لم يجعل سؤال غيره سبباً لإذنه، وإنما السبب لإذنه كمال التوحيد، فجاء هذا المشرك بسبب يمنع الإذن. والميت محتاج إلى من يدعو له، كما أوصانا النبي صلى الله عليه وسلم إذا زرنا قبور المسلمين، أن نترحم عليهم ونسأل لهم العافية والمغفرة، فعكس المشركون هذا، وزاروهم زيارة العبادة، وجعلوا قبورهم أوثاناً تُعبد؛ فجمعوا بين الشرك بالمعبود، وتغيير دينه، ومعاداة أهل التوحيد، ونسبتهم إلى التنقص بالأموات.
وهم قد تنقصوا الخالق بالشرك، وأولياءه الموحدين بذمهم، ومعاداتهم، وتنقصوا من أشركوا به غاية التنقص، إذ ظنوا أنهم راضون منهم بهذا، وأنهم أمروهم؛ وهؤلاء أعداء الرسل في كل زمان ومكان، وما أكثر المستجيبين لهم. ولله در خليله إبراهيم، حيث يقول: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَام َرَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ} [سورة إبراهيم آية: 35-36] . وما نجا من شرك هذا الشرك الأكبر، إلا من جود توحيده لله، وعادى المشركين في الله، وتقرب بمقتهم إلى الله. انتهى.
فرحمة الله ومغفرته ومرضاته على هذا الشيخ، ما أحسن بيانه وأوضحه! فقد صرح بأن هذا هو الشرك الأكبر، فبطل ما افتراه عليه المشركون. وهذا الذي ذكره، هو الذي عمت