الإسلام عروة عروة، إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية" وهذا لأنه لم يعرف الشرك، وما عابه القرآن وذمه، فوقع فيه وأقره، وهو لا يعرف أنه الذي كان عليه أهل الجاهلية، فتنقض بذلك عرى الإسلام، ويعود المعروف منكراً، والمنكر معروفاً، والبدعة سنة، والسنة بدعة، ويكفر الرجل بمحض الإيمان وتجريد التوحيد، ويبدع بمتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم ومفارقة الأهواء والبدع. ومن له بصيرة وقلب حي، يرى ذلك عياناً، والله المستعان.
ثم قال: وأما الأصغر: فكيسير الرياء، والحلف بغير الله، وقوله: هذا من الله ومنك، وأنا بالله وبك، وما لي إلا الله وأنت، وأنا متوكل على الله وعليك، ولولا أنت لم يكن كذا وكذا. وقد يكون شركاً أكبر بحسب حال قائله ومقصده.
قلت: فلما قال: وقد يكون أكبر، أخذ يبين أنواع الأكبر، فقال: ومن أنواع النذر لغير الله، والتوكل على غير الله، والعمل لغير الله، والإنابة لغير الله، والخضوع والذل لغير الله، وابتغاء الرزق من غيره، وإضافة نعمه إلى غيره. ومن أنواعه: طلب الحوائج من الموتى، والاستغاثة بهم، والتوجه إليهم؛ وهذا أصل شرك العالم، فإن الميت قد انقطع عمله، وهو لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً، فضلاً لمن استغاث به، وسأله أن يشفع له عند الله؛