فكيف بغير ذلك؟ يعني من وافقهم بالقول والفعل بلا أذى، فظاهرهم، وأعانهم، وذب عنهم وعمن وافقهم، وأنكر على من خالفهم، كما هو الواقع. وتأمل قول شيخنا، رحمه الله: إذا عرفت هذا، عرفت أن الإنسان لا يستقيم له إسلام ... إلى آخر كلامه; وقد تقدم ما يدل على هذا، وبالله التوفيق.
لقد أحسن من قال من السلف: "ليس العجب ممن هلك كيف هلك، إنما العجب ممن نجا كيف نجا". فإذا كان الأمر هكذا، فلا تأمن على نفسك الارتداد عن الدين، في مثل هذه الفتنة العظيمة، خصوصاً إذا عرفت أن العلماء، رحمهم الله، ذكروا الردة من نواقض الوضوء؛ وذلك أن الرجل قد يتوضأ مريداً الصلاة، فيتكلم، أو يعمل عملاً، أو يعتقد اعتقاداً يفسد إسلامه، فينتقض وضوؤه، عياذاً بالله من مفسدات الدين، ومحبطات الأعمال.
وأما اعتراضكم على من أنكر هذه الأمور التي حدثت في الدين، حين استدللت بآية النساء، فهو اعتراض من لا يعرف معناها، ولا ألم بقلبه، ولا أصغى إلى ما ينفعه. وقد ذكر شيخنا الإمام، رحمه الله، حاصل ما ذكره المفسرون في معنى هذه الآية، فإنه قال في قصة الهجرة: وفيها من الفوائد والعبر ما لا يعرفه أكثر من قرأها، ولكن مرادنا الآن مسألة من مسائلها،