لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً} الآية [سورة الممتحنة آية: 4] . فمن تدبر هذه الآيات، عرف التوحيد الذي بعث الله به رسله، وأنزل به كتبه، وعرف حال المخالفين لما عليه الرسل وأتباعهم، من الجهلة المغرورين الأخسرين.

قال شيخنا الإمام، رحمه الله، في سياق دعوة النبي صلى الله عليه وسلم قريشاً إلى التوحيد، وما جرى منهم عند ذكر آلهتهم، بأنهم لا ينفعون ولا يضرون، أنهم جعلوا ذلك شتماً. فإذا عرفت هذا، عرفت أن الإنسان لا يستقيم له إسلام، ولو وحد الله وترك الشرك، إلا بعداوة المشركين، والتصريح لهم بالعداوة والبغضاء، كما قال تعالى: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} الآية [سورة المجادلة آية: 22] . فإذا فهمت هذا فهماً جيداً، عرفت أن كثيراً ممن يدعي الدين لا يعرفها. وإلا فما الذي حمل المسلمين على الصبر على ذلك العذاب، والضرب والأسر، والهجرة إلى الحبشة؟ مع أنه صلى الله عليه وسلم أرحم الناس، ولو وجد لهم رخصة أرخص لهم، كيف وقد أنزل الله عليه: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ} [سورة العنكبوت آية: 10] . فإذا كانت هذه الآية فيمن وافق بلسانه إذا أوذي،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015