كتب التفسير والفقه وغيرها. وعند هؤلاء وأمثالهم أنهم على الدين الذي كانوا عليه لم يفارقوه، وهذا ليس بعجب، فقد بين القرآن العزيز، أن هذه الحال هي طريقة أمثالهم، كما في قوله تعالى: {فَرِيقاً هَدَى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} الآية [سورة الأعراف آية: 30] ، وقوله: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً} الآيات [سورة الزخرف آية: 36] . فإذا أردت معرفة ما فرضه الله على عباده مما تقدم ذكره، فاذكر قول الله تعالى عن أهل الكهف: {وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهاً لَقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً} الآية [سورة الكهف آية: 14] ، علموا أنه لا يصلح لهم دين إلا باعتزالهم، واعتزال معبوداتهم، ولو لم يجدوا إلا غاراً في الجبل في البرية، وهل قالوا: وأين نهاجر؟ ولا ثمَّ بلد إسلام، ولا إمام لنا ولا أعوان، كما قال هؤلاء الجهلة، الذين آثروا الدنيا على الدين. وتأمل ما قال الله في السورة بعدها عن خليله إبراهيم، إمام الحنفاء: {يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً يَا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيّاً} [سورة مريم آية: 43-44] ؛ فمن كان عصياً للرحمن، فطاعته معصية لله. ثم قال: {وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} الآيتين [سورة مريم آية: 48] ، وقال: {قَدْ كَانَتْ