وقد يحصل الاجتهاد في باب دون باب آخر؛ ولا حاجة لتتبع الأحاديث، بل يكفي أصل مصحح، اعتني فيه بجميع أحاديث الأحكام، كسنن أبي داود، ولا أن يعرف مواقع كل باب فيراجعه عند الحاجة، ولا إلى البحث عن رواة حديث أجمع السلف على قبوله، أو تواترت عدالة رواته ويقظتهم; وما عداه يكتفى في رواته بتعديل إمام مشهور، عرفت صحة مذهبه جرحاً وتعديلاً، ولا إلى ضبط جميع مواضع الإجماع والاختلاف; بل يكفي معرفته بعدم مخالفة قوله الإجماع، لموافقته بتقدم عليه، أو غلبة ظن بتولدها في عصره، وكذا في معرفة الناسخ والمنسوخ. انتهى.

وقال في شرح الروض، للقاضي زكريا، لما ذكر أن من شروط القاضي أن يكون مجتهداً، قال: والمجتهد: من علم ما يتعلق بالأحكام، من الكتاب والسنة، وعرف منها العام والخاص، والمطلق والمقيد، والمجمل والمبين، والنص والظاهر، والناسخ والمنسوخ، والمتواتر والآحاد، والمرسل والمتصل، وعدالة الرواة وجرحهم، وأقاويل الصحابة فمن بعدهم - إلى أن قال:

ولا يشترط التبحر في هذه العلوم، بل يكفي معرفة جمل منها، وأن يكون له في كتب الحديث أصل صحيح، يجمع أحاديث الأحكام، أي غالبها، كسنن أبي داود، فيعرف كل باب، فيراجعه إذا احتاج إلى العمل به، ويكتفى في البحث

طور بواسطة نورين ميديا © 2015