عن الأحاديث بما قبله منها السلف، وتواترت أهلية رواته، من العدل والضبط، وما عداه يكتفى في أهلية رواته بتأهل إمام مشهور، عرفت صحة مذهبه في الجرح والتعديل. ثم اجتماع هذه العلوم إنما يشترط في المجتهد المطلق، الذي يفتي في جميع أبواب الشرع. ويجوز أن يتبعض الاجتهاد، بأن يكون العالم مجتهداً في باب دون باب، فيكفيه علم ما يتعلق بالباب الذي يجتهد فيه. انتهى كلام القاضي.

فتبين بما ذكرناه من المنقول: جواز الاعتماد على نقل الأحاديث من الكتب الصحيحة، وكذا التقليد لأهل الجرح والتعديل، في تصحيح الحديث أو تضعيفه; والله سبحانه أعلم.

وأما قول السائل - وفقه الله لفهم المسائل -: حكى بعض المتأخرين: الإجماع على تقليد الأئمة الأربعة: أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، رحمهم الله.

فنقول: هذا الإجماع حكاه غير واحد من المتأخرين، وكلهم نسبوه إلى الوزير أبي المظفر، يحيى بن هبيرة، صاحب "الإفصاح عن معاني الصحاح"؛ فإنه ذكر نحواً من هذه العبارة، وليس مراده أن الإجماع منعقد على وجوب تقليد هؤلاء الأئمة الأربعة، وأن الاجتهاد بعد استقرار هذه المذاهب لا يجوز; فإن كلامه يأبى ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015