شيء منه حد أو منتهى يعرفه عارف، أو يحد قدره واصف؟ !

والدليل على عجز العقول عن تحقيق صفته، عجزها عن تحقيق صفة أصغر خلقه ... إلى أن قال: اعرف رحمك الله غناك عن تكلف صفة ما لا يصف الرب من نفسه، بعجزك عن معرفة قدر ما وصف منها; إذا لم تعرف قدر ما وصف، فما تكلفك علم ما لم يصف؟ هل تستدل بشيء من ذلك على شيء من طاعته؟ أو تَنْزجر به عن شيء من معصيته؟ وذكر كلاما طويلا - إلى أن قال: -

فأما الذي جحد ما وصف الرب من نفسه، تعمقا وتكلفا قد: {اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ} [سورة الأنعام آية: 71] ، فصار يستدل بزعمه على جحد ما وصف الرب، وسمى من نفسه، بأن قال: لا بد إن كان له كذا، من أن يكون له كذا; فعمي عن البين بالخفي، فجحد ما سمى الرب من نفسه، ووصف الرب بما لم يسم، فلم يزل يملي له الشيطان، حتى جحد قول الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [سورة آية: 22-23] فقال: لا يراه أحد يوم القيامة; فجحد - والله - أفضل كرامة الله التي أكرم بها أولياءه يوم القيامة، من النظر إلى وجهه {فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ} [سورة القمر آية: 55] قد قضى أنهم لا يموتون، فهم بالنظر إليه ينظرون; وذكر كلاما طويلا، كتب في غير هذا الموضع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015