موضع، كما يعلم ما في السماوات السبع، وما فوق العرش، أحاط بكل شيء علما، فلا تسقط من ورقة إلا يعلمها، ولا حبة في ظلمات البر والبحر إلا قد عرف ذلك كله، وأحصاه، فلا يعجزه معرفة شيء، عن معرفة غيره؛ فهذا وأمثاله مما نقل عن الأئمة، كما قد بسط في غير هذا الموضع، بينوا أن ما أثبتوه له من الحد لا يعلمه غيره، كما قال مالك، وربيعة، وغيرهما: الاستواء معلوم، والكيف مجهول; فبين أن كيفية استوائه مجهولة للعباد، فلم ينفوا ثبوت ذلك في نفس الأمر، ولكن نفوا علم الخلق به، وكذلك مثل هذا في كلام عبد العزيز بن عبد الله الماجشون، وغير واحد من السلف والأئمة ينفون علم الخلق بقدره، وكيفيته.

وبنحو ذلك قال عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون في كلامه المعروف، وقد ذكره ابن بطة في الإبانة، وأبو عمر الطلمنكي في كتابه في الأصول; ورواه أبو بكر الأثرم، قال: حدثنا عبد الله بن صالح عن عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة، أنه قال: أما بعد، فقد فهمت ما سألت عنه، فيما تتابعت فيه الجهمية ومن خالفها، في صفة الرب العظيم، الذي فاقت عظمته الوصف والتقدير، وكَلّت الألسن عن تفسير صفته، وانحسرت العقول عن معرفة قدره ... إلى أن قال: فإنه لا يعلم كيف هو إلا هو، وكيف يُعرَف قدر من لا يموت ولا يبلي، وكيف يكون لصفة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015