أفعال حقيقة، فكذلك له صفات حقيقة، وليس كمثله شيء، وكل ما أوجب نقصا أو حدوثا، فإن الله منَزّه عنه حقيقة; فإنه سبحانه مستحق للكمال الذي لا غاية فوقه، ويمتنع الحدوث لامتناع العدم عليه; فلا نمثل صفات الله بصفات الخلق، كما أنا لا نمثل ذاته بذات الخلق، ولا ننفي عنه ما وصف به نفسه، ولا نعطل أسماءه الحسنى وصفاته العلى; بخلاف ما عليه أهل التعطيل والتمثيل.

فالمعطلون لم يفهموا من صفات الله إلا ما هو اللائق بالمخلوق، فشرعوا في نفي تلك المفهومات بأنواع التأويل، فعطلوا حقائق الأسماء والصفات، وشبهوا الرب تبارك وتعالى بالجمادات العارية عن صفات الكمال ونعوت الجلال; فجمعوا بين التعطيل والتمثيل; عطلوا أولا، ومثلوا آخرا; والممثلون عطلوا حقيقة ما وصف الله به نفسه من صفات الكمال ونعوت الجلال; وشبهوا صفاته بصفات خلقه; فمثلوا أولا، وعطلوا آخرا.

فمن فهم من نصوص الكتاب والسنة في صفات الرب جل وعلا ما يفهمه من صفات المخلوقين، فقد ضل في عقله ودينه، وشبه الله بخلقه، تعالى الله عما يقول الظالمون والجاحدون علوا كبيرا {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [سورة الشورى آية: 11] . ومن نفى ظاهر النصوص، وزعم أنه ليس لها في الباطن مدلول، هو صفة لله، وأن الله لا صفة له ثبوتية، أو يثبت بعض الصفات كالصفات السبع، ويؤول ما عداها، كقوله:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015