هذا الباب، لحصل منه مجلد كبير.

وقد أضربنا عن كلام الحنابلة صفحا، فلم ننقل منه إلا اليسير، لأنه قد اشتهر عنهم إثبات الصفات، ونفي التكييفات; فمذهبهم بين الناس مشهور، وفي كتبهم مسطور، وكلامهم في هذا الباب أشهر من أن يذكر، وأكثر من أن يسطر، ولهذا كان أهل البدع يسمونهم الحشوية، لأنهم قد أبطلوا التأويل، واتبعوا ظاهر التَنْزيل، وخالفوا أهل البدع والتأويل. وأما غيرهم من أهل المذاهب، فكثير منهم قد خالفوا طريقة السلف، وسلكوا مسلك الخلف; فلهذا نقلنا كلام أئمة الحنفية، والمالكية، والشافعية، وأئمة أهل الكلام، كابن كلاب، والأشعري، وأبي الحسن بن مهدي، والباقلاني، ليعلم الواقف على ذلك، أن هؤلاء الأئمة متبعون للسلف، يثبتون لله الصفات، وينفون عنه مشابهة المخلوقات، ويعرف أن هذا الاعتقاد الذي حكيناه عن شيخنا محمد بن عبد الوهاب وأتباعه، هو الاعتقاد الحق الذي دل عليه الكتاب والسنة، وكلام الصحابة وسائر الأمة.

فنحن لا نصف الله إلا بما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله; لا نتجاوز القرآن والحديث؛ وما تأوله السابقون الأولون تأولناه، وما أمسكوا عنه أمسكنا عنه; ونعلم أن الله سبحانه ليس كمثله شيء، لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، فكما نتيقن أن الله سبحانه له ذات حقيقة، وله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015