بينه وبينهم تمثيل، أو تشبيه؟ تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا.

فإن قال قائل: وصفنا ربنا بأنه كان في الأزل لا في مكان، ثم خلق الله الأماكن، فصار في مكان; وفي ذلك إقرار منا بالتغيير والانتقال، إذا زال عن صفته في الأزل، صار في مكان دون مكان، قيل له: وكذلك زعمت أنت أنه كان لا في مكان، ثم صار في كل مكان، فقد تغير عندك معبودك، وانتقل من لا مكان إلى كل مكان، فإن قال: إنه في الأزل في كل مكان كما هو الآن; فقد أوجد الأشياء والأماكن معه في أزليته، وهذا فاسد.

فإن قال: فهل يجوز عندك أن ينتقل من لا مكان في الأزل إلى مكان؟ ! قيل له: أما الانتقال وتغير الحال، فلا سبيل إلى إطلاق ذلك عليه، لأن كونه في الأزل لا يوجب مكانا، وكذلك نقلته لا توجب مكانا، وليس هو في ذلك كالخلق، ولكنا نقول: استوى من لا مكان، ولا نقول انتقل، وإن كان المعنى في ذلك واحد، كما نقول: له عرش، ولا نقول له سرير; ونقول: هو الحليم، ولا نقول هو العاقل; ونقول: خليل إبراهيم، ولا نقول صديق إبراهيم; لأنا لا نسميه، ولا نصفه، ولا نطلق عليه إلا ما سمى به نفسه، ولا ندفع ما وصف به نفسه، لأنه دفع للقرآن.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015