[سورة الأعراف آية: 54] ،
وقوله: {لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ} [سورة المعارج آية: 2-3] والعروج هو الصعود; قال مالك بن أنس: الله عز وجل في السماء، وعلمه في كل مكان، لا يخلو من علمه مكان; يريد بقوله: في السماء أي: على السماء - إلى أن قال -: وكل ما قدمت دليل واضح في إبطال قول من قال بالمجاز في الاستواء; وأن الاستواء بمعنى الاستيلاء; لأن الاستيلاء في اللغة بعد المغالبة، والله لا يغالبه أحد; ومن حق الكلام أن يحمل على حقيقته، حتى تتفق الأمة على أنه أريد به المجاز، إذ لا سبيل إلى اتباع ما أنزل إلينا من ربنا إلا على ذلك; وإنما يوجه كلام الله إلى الأشهر والأظهر من وجوهه، ما لم يمنع ادعاء ذلك ما يجب التسليم له; ولو ساغ ادعاء المجاز لكل مدع ما ثبت شيء من العبادات، وجل الله أن يخاطب إلا بما تفهمه العرب في معهود مخاطباتها، مما يصح معناه عند السامعين; والاستواء معلوم في اللغة، وهو العلو والارتفاع، والتمكن في الشيء.
فإن احتج أحد عليه وقال: لو كان كذلك لأشبه المخلوقات، لأن ما أحاطت به الأمكنة، واحتوت فهو مخلوق; قيل: لا يلزم ذلك، لأنه تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [سورة الشورى آية: 11] ، ولأنه لا يقاس بخلقه، كان قبل الأمكنة; وقد صح في العقول وثبت بالدلائل أنه كان في الأزل، لا في مكان، وليس بمعدوم، فكيف يقاس على شيء من خلقه؟ ! أو يجري