ثم قال: فإن قيل: ما تقولون في قوله: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [سورة الملك آية: 16] ؟ قيل له: معنى ذلك أنه فوق السماء على العرش كما قال: {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ} [سورة التوبة آية: 2] بمعنى على الأرض، وقال: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [سورة طه آية: 71] . فإن قيل: ما تقولون في قول الله تعالى: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ} [سورة الأنعام آية: 3] ؟ قيل له: إن بعض القراء يجعل الوقف في (السماوات) ثم يبتدئ: {وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ} [سورة الأنعام آية: 3] ، وكيفما كان، فلو أن قائلا قال: فلان بالشام والعراق، ملك، لدل على أن ملكه بالشام والعراق، لا أن ذاته فيهما.

ذكر قول الإمام الزاهد: أبي عبد الله بن بطة، قال في كتاب الإبانة - وهو ثلاثة مجلدات -: باب الإيمان بأن الله على عرشه، بائن من خلقه، وعلمه محيط بخلقه.

أجمع المسلمون من الصحابة والتابعين، على أن الله على عرشه، فوق سماواته، بائن من خلقه; فأما قوله: {وَهُوَ مَعَكُمْ} [سورة الحديد آية: 4] فهو كما قالت العلماء، واحتج الجهمي بقوله: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} [سورة المجادلة آية: 7] فقال: معنا وفينا; وقد فسر العلماء أن ذلك علمه; ثم قال تعالى في آخرها: {إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [سورة المجادلة آية: 7] .

ثم إن ابن بطة سرد بأسانيده أقوال من قال إنه علمه،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015