المتكلم، تلميذ الأشعري: قال في كتاب مشكل الآيات له في باب قوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [سورة طه آية: 5] :

اعلم أن الله فوق السماء، فوق كل شيء، مستو على عرشه بمعنى أنه عال عليه، ومعنى الاستواء: الاعتلاء، كما تقول العرب: استويت على ظهر الدابة، واستويت على السطح، بمعنى علوته، واستوت الشمس على رأسي، واستوى الطير على قمة رأسي، بمعنى علا في الجو، فوجد فوق رأسي; فالقديم جل جلاله، عال على عرشه، يدلك على أنه في السماء، عال على عرشه، قوله: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [سورة الملك آية: 16] ، وقوله: {يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [سورة آل عمران آية: 55] ، وزعم البلخي: أن استواء الله على العرش، هو الاستيلاء عليه مأخوذ من قول العرب: استوى بشر على العراق.... أي استولى عليها.

قال: ويدل على أن الاستواء - هاهنا - ليس بالاستيلاء، لأنه لو كان كذلك لم يكن ينبغي أن يخص العرش بالاستيلاء عليه دون سائر خلقه، إذ هو مستول على العرش وعلى الخلق، ليس للعرش مزية على ما وصفته; فبان بذلك فساد قوله; ثم يقال له أيضا: إن الاستواء ليس هو الاستيلاء الذي هو من قول العرب: استوى فلان، أي: استولى، إذا تمكن بعد أن لم يكن متمكنا، فلما كان الباري عز وجل لا يوصف بالتمكن بعد أن لم يكن متمكنا، لم يصرف معنى الاستواء إلى الاستيلاء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015