ربهم وسنة نبيهم متبعون.
ثم بعد معرفته لهذا وإقراره، يقوم في قلبه أن عقيدة الخلف أعلم وأحكم من طريقة السلف؟ ! فسبحان من يحول بين المرء وقلبه، فيهدي من يشاء بفضله ويضل من يشاء بعدله {لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [سورة الأنبياء آية: 23] .
وكيف يكون الخالفون أعلم من السابقين؟ ! بل من زعم هذا فهو لم يعرف قدر السلف; بل ولا عرف الله ورسوله والمؤمنين، حقيقة المعرفة المطلوبة; فإن هؤلاء الذين يفضلون طريقة الخلف، إنما أتوا من حيث ظنوا أن طريقة السلف هي مجرد الإيمان بألفاظ القرآن والحديث، من غير فقه لذلك، بمنْزِلة الأميين الذين قال الله فيهم: {لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ} [سورة البقرة آية: 78] ، وأن طريقة الخلف هي استخراج معاني النصوص المصروفة عن حقائقها، بأنواع الاحتمالات، وغرائب اللغات; فهذا الظن الفاسد أوجب تلك المقالة، كما قدمناه; وقد كذبوا على طريقة السلف، وضلوا في تصويب طريقة الخلف، فجمعوا بين الجهل بطريقة السلف، وبين الجهل والضلال بتصويب طريقة الخلف. وكيف يكون الخلف أعلم بالله وأسمائه وصفاته، وأحكم في باب ذاته وآياته، من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان، من أهل العلم والإيمان، الذين هم أعلام الهدى، ومصابيح الدجى؟! فنسأل الله أن لا